هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد والخنساء لقب غلب عليها لقبّت تشبيهاً لها بالبقرة الوحشية في جمال عينيها خطبها دريد بن الصّمة فارس هوزان وسيد بني جشم فردته لكبر سنه فهجاها فلم تردّ عليه فسئلت بذلك فأجابت : لا أجمع عليه أن أردّه وأهجوه
تزوجت أوّلاً رواحة بن عبدالعزيز السلمي وسماه الأغاني والعقد الفريد عبدالعزّى ولعلّ هذا الإسم الوثني كان له قبل إسلامه فلمّما أسلم استبدل به اسم رواحة أو أنه كان لقباً يعرف به فولدت له عبدالله ويكنى بأبي شجرة ثمّ خلف رواحة عليها مرداس بن أبي عامر السلمي فولدت له يزيد ومعاوية وعمراً وعمرة
وامّا ظهر الإسلام أسلمت الخنساء مع قومها بني سليم وانبعثت مع المسلمين لفتح بلاد فارس ومعها أولادها الأربعة فقتل أولادها في وقعة القادسية سنة 16هـ فقالت لما بلغها خبر مقتلهم : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة
والخنساء من شواعر العرب المعترف لهنّ بالتقدم أجمع الشعراء ورواة الشعر القدماء على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها في الرثاء وعدّوها في الطبقة الثانية
قيل سئل جرير من أشعر الناس فقال : أنا لولا هذه الخبيثة يعني الخنساء , وقال بشار فيها : لم تقل امرأة قطّ شعراً إلاّ تبيّن الضعف فيه . فقيل له :أو كذلك الخنساء ؟ قال : تلك فوق الرجال
وكانت الخنساء في أول أمرها تقول الشعر ولا تكثر حنى قتل أخواها معاوية وصخر فحزنت عليهما حزناً شديداً وخصوصاً على صخر وكان أحبهما إليها لما كان عليه من الحلم والجود والتقدم في عشيرته والشجاعة وجمال وجه ففتق الحزن أكمام شاعرتها فنطقت بشعر هو آهات نفس لائعة ونفثات صدر متألم حزناً ودموع قلب جريح وعلى سذاجة معانيها وتكّرها ومغالاتها في وصف حزنها ومناقب أخيها صخر فشعرها محبّب , قريب إلى القلوب بما فيه من عاطفة صادقة , ملتهبة لوعة وبما فيه من وفاء أخويّ صحيح
مقتطفات من أشعار الخنساء
لهفي على صخر
لهفي على صخرفإني أرى له
لمولاه إن نعلّبمولاه زلّــت
ولهفي على صخرلقد كان عصكة
إذ ا ما الموالي من أخيــها تخلت
يعود علىمولاه منه برأفة
ترجي نوالاً مــن سحابكبلّت
زكنت إذا كفّأتــــتك عديمة
و غمته عن وجـــه فتجلت
ومختنق راخىابن عمرو خناقه
غداة غد من أهلها مـــااستقلت
وظاعنة فيالحيّ لولا عطاؤه
إذا نحن شئنا بـالنوالاستهلت
وكنت لــناعيشاً وظل ربابة
إذا ما الحبى من طائفالجهل حلت
فتًى كان ذاحلم أصيل وتؤدة
و لا أبصرته الحبلإلاّ اقرشت
وما كرّ إلاّكان أوّل طاعن
فمثل أخي يومــا ً بهالعين قرت
فيدرك ثأراًثم لم يخطه الغنى
ويصبر يحميهم إذاالخــيل ولّت
فإن طلبواوتراً بدا بترابهم
فـــأذكره إلا ســلت وتجـلًت
فلســـت أرزاًبعـــده برزيــــّة